الأربعاء، 24 ديسمبر 2008

تحولات تحاور الكاتب حسن عجمي









حسن عجمي :


* لا يوجد عقل عربي أو غربي بل إنسان يكتب ليحقق إنسانيته
* في كتابتي أحقق إنسانيتي وأرفض الإستسلام للواقع المتخلف
* لم يعد المسلم فعلياً مسلماً ولا المسيحي فعلياً مسيحياً



حاوره: أسماء وهبة ـ زاهر العريضي

يخوض الكاتب حسن عجمي غمار الكتابة الفلسفية، مجتازاً العديد من الحواجز الفكرية، محاولا الوصول إلى مفهوم معرفي خاص اعتبره الكثيرون صعب الفهم. إلا أن همه هو مناقشة النواحي الفكرية المعرفية الفلسفية في مجتمعاتنا العربية بطريقة علمية. لذلك لا نستغرب أنه أصدر حتى الآن 13 كتابا تحمل عناوين لافتة مثل «السوبر أصولية»، «السوبر حداثة» «السوبر مستقبلية» وغيرها.
«تحولات» التقت حسن عجمي، وسألته عن سر كلمة «سوبر»، وإن كان للكتابات الفلسفية مكان في عالمنا اليوم؟!
مصطلح «السوبر تخلف» الذي تصف به المجتمع العربي يثير الكثير من علامات الإستفهام. فماذا تقصد به؟

بالنسبة لكتاب «السوبر تخلف» حاولت من خلاله التمييز بين التخلف والسوبر تخلف. فالتخلف هو عدم إنتاج ما هو مفيد للعالم والبشرية، أما السوبر تخلف هو عملية تطوير التخلف عبر استخدام العلم من أجل التجهيل. فمثلا منذ 100 عام حتى الآن زادت أعداد الجامعات والمدارس في العالم العربي، ومع ذلك ارتفعت معدلات التخلف، لأن معظم مدارسنا وجامعاتنا لا تخرج علماء وأدباء وشعراء بل إرهابيين...

لا نستطيع التعميم!

لفظة «إرهابيين» هنا تحمل العديد من المعاني. فهناك إرهابيين فعليين هدفهم تدمير الحضارة، وآخرون يقتلون بعضهم البعض ولا يعترفون بالعلم والمنطق. أما نحن العرب والمسلمون فلا أتردد بوصفنا بالسوبر متخلفون، لأننا نرفض العلم والمنطق والفلسفة والعقل.

ما هي أسباب واقع السوبر تخلف؟ هل يعود إلى هيكلية النظم السياسية العربية التي تعمد إلى إبقاء الشعوب في الغيبوبة للمحافظة على مواقعها، أم له علاقة بوعي المواطن؟

كل هذا الذي ذكرته. وهذا ما وصفته ضمن المعادلة التالية: التخلف = التكنولوجيا/ العلم. عند زيادة العلم يقل التخلف وبالعكس. فالتكنولوجيا اليوم متاحة أمامنا، إلا أننا نرفض العلم، ولا نشارك الحضارة في إنتاج العلوم، لذلك زاد التخلف، وهذا ما يسمى بالسوبر تخلف. فنحن نستخدم التكنولوجيا من أجل التدمير والتجهيل عبر الفضائيات والجامعات والمدارس التي تكرس الطائفية والتعصب بدلا من قبول الفلسفة والمنطق والعلم. وبالتالي تحول التخلف إلى مؤسسة لها أدوار وأشخاص. لذلك نحن في العالم العربي لا نشكل مجتمعات، بل قبائل متصارعة، لأننا نرفض الآخر. وفي الوقت نفسه يجمعنا الصراع المستمر عبر التجاذبات الطائفية، مما يعني غياب عملية بناء المجتمع والدولة والمواطن التي حل مكانها سلطات أحكمت سيطرتها على أفراد القبيلة التي تعيش في ظل يقينيات كاذبة غير قابلة للتطوير!

لكنك هكذا تنفي حركة المجتمع المدني الخجولة وتجمعات المثقفين الذين يعملون على تنوير المجتمع ومكافحة حالة السوبر تخلف!

هناك بصيص من الضوء لمكافحة السوبر تخلف. إلا أن معظم هذه المحاولات تبوء بالفشل. فمثلا لقد حاولت أنا وعدد من المثقفين من طوائف مختلفة مواجهة الطائفية إلا أننا فشلنا، لأن كل منا يلهث وراء مصالحه. وبالتالي لا يبقى إلا تسو نامي السوبر تخلف الذي يطيح بالشعوب، خصوصا أن الإنسان السوبر متخلف يعتقد أنه سوبر متطور وهذه كارثة كبرى!

لماذا لا نقبل المجتمع كما هو بكل أخطائه الشيء الذي قد يكون بداية لتطويره، أم أننا نفتقد إلى صيرورة التطور؟

بالنسبة لي أنا أتفاعل مع مجتمعي عبر 13 كتابا قدمت فيها عصارة فكري لتنوير الناس. وأنا أقبل هذا المجتمع كما هو لكني لا أتحمل أن يستمر على هذه الحال.
لكن للأسف يقف دور المثقفين اليوم عند ظهورهم على وسائل الإعلام ليتحدثوا عن مواطن لا يشبه أي أحد، وعبر كتابات لا تمس الواقع، ويركزون على كيل الإتهامات للآخرين دون تقديم الحلول!

أنا لا أمارس أي عمل اتهامي حيال مجتمعي، بل أحاول من خلال كتاباتي الفلسفية أن أفسر الظواهر عبر التنظير الذي يعتبر جزءا هاما من الفلسفة والإعلام. وعلى العكس أعتقد أن وظيفة المثقف الأولى هي التنظير على أن يكون علمي ومنطقي، الشيء الذي يفتح الباب للتطور العلمي وقبول الآخر من ثم تشكيل مجتمع يستطيع أفراده التفاعل مع بعضهم البعض.

ما هي أسباب عدم قبول العلم والمنطق؟

هناك العديد من الأسباب منها الدين. وإذا نظرنا إلى مجتمعنا اليوم فلن نجد المسلم مسلماً فعلياً ولا المسيحي مسيحياً فعلياً، لأننا لم نعد قادرين على فهم تراثنا. فمثلا لو ذهبنا إلى المكتبة لنسأل عن مؤلفات ابن سينا أو ابن تيمية فلن نجدها، وإذا صادف ووجدت فستكون مليئة بالأخطاء اللغوية. وإذا سألنا أي مثقف عن العقل عند ابن تيمية لن يعرف، مع أنه يحكم معظم مسلمي أهل السنة. فنحن نجهل تراثنا. فالمشكلة ليست في الدين بحد ذاته، لكن في طريقة فهمنا له! لذلك بات ملحاً طرح أفكار جديدة تسمح لنا بتفسير الدين بالشكل الصحيح عبر التحرر من اليقينيات الماضية، الكاذبة، المطلقة، والغامضة التي تحكم تصرفاتنا، فأفقدتنا إنسانيتنا. هذا عدا عن أسلوب التربية الخاطىء المتبع في مدارسنا الطائفية التي تعتمد على رفض الآخر، مما لا يعتبر بيئة صالحة لتخريج العلماء، دون أن ننسى وسائل الإعلام التي تنشر الأفكار السوبر متخلفة في مجتمعنا.

هل هناك ما يسمى عقل عربي؟

لا يوجد عقل عربي أو غربي. وأنا أرفض هذه التصنيفات. فهناك إنسان يكتب ليحقق إنسانيته. لذلك من خلال سلسلة «السوبر» وكتاب «الميزياء» حاولت تقديم فلسفة جديدة دون أن أدخل في تفاصيل وصف ماهية هذه الفلسفة إن كانت كونية أو شاملة.

من يقرأ لك؟

قارىء كتبي هو قارىء افتراضي. ليس بالضرورة أن يكون موجودا على أرض الواقع الآن.

إذن أنت تكتب لقارىء من طراز خاص؟

أكتب لقارىء مختص يهتم بشكل أساسي بالفلسفة.

لكن لم يعد للفلسفة جمهور في عالمنا اليوم!

صحيح، لذلك نحن نعيش في عصر السوبر تخلف.

إذن لماذا تكتب؟

أكتب لأنني لست مستسلماً لهذا الواقع. وأحاول أن أعبر عن طروحاتي وتحقيق إنسانيتي.

لكن كتاباتك صعبة الفهم على القارىء العادي. فلماذا لا تبسط طروحاتك حتى تصل لكل الناس؟

لا أنكر أنني أتوجه إلى قارىء مختص، إلا أن بعض كتبي مثل «السوبر تخلف» تستهوي القارئ العادي، حيث يستطيع فهم المعادلات الموجودة فيه، كما سيفهم فحوى الكتاب ومنهجه بشكل عام. وهذا ينفي ما قد أتهم به من أن نصي يتعاطى مع القارئ بفوقية.

ما هو أكثر ما يؤثر فيك عند الكتابة؟

النظريات الفلسفية والعلمية التي تعتمد على العلوم المعاصرة وأهمها الفيزياء وميكانيكا الكم، لذلك أحاول أن يكون العلم هو أساس انطلاقتي الفلسفية.

الرابط :http://www.tahawolat.com/cms/article.php3?id_article=1750