الجمعة، 13 مارس 2009

حسن عجمي و الشعر الغرائبي المعاصر










الشعر الغرائبي المعاصر


حسن عجمي

لقد أصبح الشعر العربي المعاصر شعراً غرائبياً بامتياز من خلال اعتماده الكلي على وضع المفردات في غير موضعها وكأنه يوجد كومبيوتر ضخم يصنِّع أشعارنا. والشعر الغرائبي يبني جُملاً من مفردات غير مرتبطة أو غير متفقة نوعياً. والغرائبية ليست صياغة جديدة للأدب فلقد نشأت في الغرب وتطورت على يديه. أما نحن فنعتمد عليها كلياً وكأننا نعتبر أن الغرائبية جوهر الشعر. هذا طبعاً خطأ لأن أشعار الكبار من الشعراء ليست غرائبية كأشعار المتنبي وأبي العلاء المعري وشكسبير وبليك. المشكلة الأساسية في الشعر الغرائبي أنه يُنتِج جُملاً لا معانٍ لها. فبما أنه يؤلِّف بين مفردات تختلف مفاهيمياً عن بعضها بعضاً، إذاً هو يبني عبارات خالية من المعاني. الجُملة 'العدد سبعة متزوج' مثلٌ على الجُمل الفاقدة للمعنى. هذه الجملة لا معنى لها لأنه من المستحيل أن تكون الأعداد متزوجة أو غير متزوجة بما أن مفهوم 'العدد' يختلف مفاهيمياً عن مفهوم 'الزواج'. أشعارنا العربية المعاصرة لا تختلف عن عبارة 'العدد سبعة متزوج'، لذا هي خالية من المعاني للناقد أن يقول إن ميزة الشعر كامنة في غرائبيته. لكن إذا صح هذا القول، لا بد حينئذٍ من أنه إذا تمكّن الكومبيوتر من وضع المفردات كلها في غير موضعها ستغدو عباراته اللامتناهية شعراً. هذه النتيجة غير مقبولة إلاّ إذا أردنا أن نعتبر أن هذا الكومبيوتر الممكن هو أعظم شاعر في الوجود. من هنا، من الخطأ اعتبار الغرائبية جوهر الشعر. بالإضافة إلى ذلك، لا قيمة للأدب المعتمد كلياً على صياغة غرائبية كتلك التي ننشِئ شعرنا من خلالها وإلاّ أصبح لفاقد المعنى قيمة. ومن غير المستغرب وصولنا إلى هذا النوع من الشعر لأنه لا يوجد شعر حقيقي ولا أدب من دون علم وفلسفة ونحن نفتقر إليهما.

حسن عجمي / لبنان
يقدمه صفوان حيدر بجريدة السفير بالتالي: يختلط الأمر على الذي يعرف حسن عجمي: هل هو شاعر ام مفكر يسعى إلى بناء عمارة فكرية مميزة ام مستكشف لميادين جديدة من التفكير العلمي والأدبي سواء في «مقام الراحلين» [شعر ـ 2000] او في «معراج المعنى» [نقد ـ 2001] او في «مرايا العقول» ـ الشعر العلمي [2003]. ومنذ كتابه «مقام المعرفة ـ فلسفة العقل والمعنى» [2004] اتخذ انتاج عجمي طابعاً فكرياً يستند الى معالجة القضايا الفلسفية معالجة تتراوح بين المنهج التحليلي والمنهج التفسيري. ثم جاء كتابه «السوبر حداثة» [2005] ليعالج الأكوان الممكنة واللامحدد، ثم «السوبر مستقبلية» _2006] قائلاً إن التاريخ يبدأ من المستقبل، ثم «السوبر أصولية» [2007] التي تعتبر الأصول الدينية محددة في المستقبل فقط، وأننا نحن ـ الحاضر نصنع التراث، ثم «السوبر معلوماتية» [2007] «فالسوبر تخلف» [2007]، وأخيراً «السوبر مثالية» [2007]. واليوم يطل علينا عجمي بكتابه الجديد «الميزياء» بعد ذلك بعد ذلك الحشد من «السوبرات» مفتتحاً ميادين معرفية تتناول العلاقة بين الجيزياء [ما يجوز] والحيزياء [الحيز].