الأحد، 19 أبريل 2009

السوبر أصولية ..للكاتب الباحث حسن عجمي


قضية للنقاش :
للكاتب الباحث حسن عجمي

السوبر أصولية .. هل يمثل الكتاب السنونوة التي تبشر بالربيع ؟


منذ مدة طويلة لم أقرأ كتاباً يغيرني .. يغير قناعتي أو رؤيتي على أقل تقدير تجاه قضية معينة وأظن أن هذه المشكلة المسكوت عنها أو المغيبة لا فرق هي مشكلة عامة يعاني منها القراء العرب عموماً حيث تنحصر جل الكتب إن لم نقل كلها باستثناءات نادرة في عملية الإعداد والجمع والقص واللزق (الكولاج) ثم توضع صفة (تأليف) في صدر الكتاب!
ويحتار القارئ: ما الذي حدث؟ ويحدث؟ ركام هائل من الصفحات والكتب تترجم معنى البيت الشعري القديم: "ما أرانا نقول إلا معاراً/ أو معاداً من قولنا مكرورا"!
واليوم على منضدتي كتاب جديد صدر حديثاً عن الدار العربية للعلوم - ناشرون في بيروت يحمل عنواناً جذاباً وبراقاً: "السوبر أصولية" .. بيد أن قراءته لا تفقده البريق كما يحدث عادة عند الدخول في التفاصيل بل على العكس لقد زادته القراءة ألقاً والأهم من ذلك كله محاورته الجادة والمتمعنة للأفكار والقناعات وكأن كاتبه المبدع حسن عجمي يخاطب قارئه مباشرة في جلسة ساخنة من النقاش المحتدم بين طرفين أحدهما ينقض الآخر ثم تكتشف في نهاية هذه الجدلية أنك خرجت بمعنى جديد .. أي تغيرت.
وكما في كتابه "السوبر الحداثة" وما قبله من مؤلفات سعى حسن عجمي في مؤلفه الجديد إلى الأسلوب ذاته عاملاً هذه المرة على تفكيك معنى "الأصولية" التي أصبحت الآن الشغل الشاغل للجميع عرباً ومسلمين وغيرهم ليمنحها بعداً مختلفاً مشتقاً من بحثه الجاد والدؤوب وقدرته النقدية الواضحة ليضيف قراءة حقيقية للموضوع الذي يتناوله دون الوقوع في مطب التكرار.
صحيح أن حسن عجمي كثيراً ما يؤكد الجمل والعبارات ويعود إليها للتذكير كمعلم في صف مدرسي ولكن هذه "المثلبة" لا تعد كذلك حين يصل القارئ إلى مؤدى قوله في ختام كل فصل فهو لا يعرض ما يقول فحسب بل يغربله غربلة عنيفة لا سيما وأن موضوع الكتاب يتسع ويمتد ليشمل بحوث العلم والدين والأخلاق والفلسفة واللغة والتصوف وأعلام الفكر العربي والإسلامي .. كل ذلك الإرث المترسخ في الأذهان خلال قرون طويلة عبر 200 صفحة فقط.
ولأول مرة يضع المؤلف المستقبل نصب قلمه لا الماضي والحاضر كما يحدث عادة السوبر أصولية كتاب مذهل يسد فراغاً حقيقياً ولكن هذا التوصيف لا يعني تقييماً له ولا يغني عن قراءته حيث يمكن الخروج بمواقف أخرى ومختلفة ولعل في ذلك ميزته وهدفه وهنا يحضرني السؤال: هل يمثل الكتاب السنونوة التي تبشر بالربيع في قراءتنا المتجددة للتراث ولأنفسنا؟ إذ أن قيمته الأساسية تكمن في خاصيته "الجدلية" المشار إليها .
عبدالله الحامدي

جريدة الراية القطرية