السبت، 27 ديسمبر 2008

هل نحن مقبلون على عصر سوبر فلسفي؟







قضية للنقاش ..

هل نحن مقبلون على عصر سوبر فلسفي؟



حسن عجمي يتوج سلسلته ب "السوبر مثالية"




في حدود ما أعلم كانت الفلسفة الوجودية آخر حركة فلسفية عالمية أثارت الجدل في الأوساط الثقافية العربية في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي وربما امتدت أكثر قليلاً عبر العديد من الدراسات والبحوث إلي جانب الأعمال الإبداعية التي عكستها ولا سيما في فن الرواية.
بعد ذلك ساد عدد من التيارات النقدية المواكبة لحركة الترجمة ولا سيما الآتية من الغرب، ومن تلك التيارات: البنيوية والتداولية وتحليل الخطاب وجماليات التلقي، الرائجة الآن في العديد من الدوريات الفكرية والثقافية، وصولاً إلي ما بعد الحداثة، أو "السوبر حداثية".
ويبدو أن الباحث الشاب حسن عجمي التقط، بحدس الكاتب المبدع، هذه "النزعة الماروائية"، اللا معقولة في جانب منها، وما زال يسعي بمجهود فردي إلي تطويرها عبر سلسلة من المؤلفات التي تبحث في "السوبر" من المصطلحات الفكرية والفلسفية التي باتت تفرض هيمنتها، ليس فقط علي الصعيد العربي، بل علي الصعيد العالمي أساساً.
فبعد "السوبر حداثة" و"السوبر أصولية" والسوبر مستقبلية " هاهو حسن عجمي يصدر كتاباً جديداً يحمل عنوان "السوبر مثالية"، والذي يحلل فيه بمنهجه الفكري المبتكر فكرة (ما بعد المثالية) التي تتجاوز المثالية والواقعية في آن معاً، بحثاً عن مشروع فكري جديد يخرج بالفكر الفلسفي العربي إلي فضاء جديد خارج الكليشهات الثابتة والمفاهيم المستوردة والتي أدت بهذا الفكر إلي جدل عقيم ومنفر للباحثين والمتابعين علي حد سواء.
يقول حسن عجمي في أحد حواراته: أستخدم مفهوم "السوبر" كي أميز هذا المشروع عن المشاريع الأخري، فالسوبر أصولية تختلف عن الأصولية، والسوبر حداثة تختلف عن الحداثة وما بعد الحداثة، والسوبر مستقبلية تختلف عن المستقبلية، مضيفاً: السوبر حداثة تدرس الأكوان الممكنة، وإذا نظرنا إلي الأكوان الممكنة مجتمعة ولكونها مختلفة عن بعضها ستغدو حقائقها غير محددة، لذا تعتمد السوبر حداثة علي اللا محدد من أجل الوصول إلي المعرفة، فبينما الحداثة تقول إن الكون محدد ولذا من الممكن معرفته، تعتبر ما بعد الحداثة أن الكون غير محدد ولذا من غير الممكن معرفته، أما السوبر حداثة فتؤكد علي أنه علي الرغم من لا محددية الكون، من الممكن معرفته لأن من خلال لا محدديته نتمكن من تفسيره.
في "السوبر مثالية" كما في مؤلفات حسن عجمي السابقة ثمة تأمل عميق في المفهوم والمصطلح علي المستوي النظري، يوازيه علي المستوي التطبيقي منهج رياضي في البحث جعل من الفلسفة المثالية مادة طيعة للتناول عبر قوانين علمية مسلم بها.
ونحن نقرأ "السوبر مثالية" يعترينا السؤال: هل نحن مقبلون علي عصر "سوبر فلسفي" ينقذ عصرنا الفلسفي هذا والمبتلي بألف داء؟


عبدالله الحامدي